للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمه وقومه (١) , حتى هاجر إلى الحبشة (٢). فعندما جاء من المدينة إلى مكة أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما جرى مع الأنصار (٣) , ثم ذهب إلى أمه فدار بينهما حوارٌ استطاع فيه - رضي الله عنه - أن يكف عدوان أمه وقومه , فكان مما دار بينهما أن قالت له أمه: " إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! قال: أنا على دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله. قالت: ما شكَرْتَ ما رَثَيْتُكَ (٤) , مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب , فقال: أفرُّ بديني إن تفتنوني. فأرادت حبسه, فقال: لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك , وجعلت تبكي " (٥) , فكانت الثقة والجرأة والأسلوب الحكيم سلاحاً استعمله مصعب بن عمير - رضي الله عنه - لكف الشر الذي كاد أن ينزل به.

رابعاً: توحيد الصفوف وجمع الكلمة:

ومما يعين على ذلك , الحوار المنهجي الذي يجعل من المبادئ الإسلامية منهجيته , وآدابه مسلكاً له إلى تحقيق الهدف؛ لذلك أثمرت حوارات مصعب بن عمير - رضي الله عنه - مع الأنصار , فقد توحدت صفوفهم واجتمعت كلمتهم , بعد أن كانت الحروب والصراعات قائمة بين الأوس والخزرج , فقد دخلوا الإسلام وأصبحوا إخوةً مجتمعين (٦) , وكان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - يصلي بهم , وكان يسمى المقرئ


(١) السهيلي: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية , ٤/ ٥٢.
(٢) ابن اسحاق: سيرة ابن اسحاق , ص ١٧٤.
(٣) ابن سعد: الطبقات الكبرى , ٣/ ٨٨.
(٤) من رَثَى لَهُ إذا رَقّ وتَوَجَّعَ. ابن منظور: لسان العرب , ١٤/ ٣٠٩.
(٥) ابن سعد: الطبقات الكبرى , ٣/ ٨٨.
(٦) ابن هشام: السيرة النبوية , ١/ ٤٣٥.

<<  <   >  >>