أَمْرِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ، مُمَيِّزًا لِكَلامِهِ؛ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ إِذَا رَأَى الْكَلامَ صَوَابًا، وَإن سَكَتَ سَكَتَ بِعِلْمٍ إِذَا كَانَ السُّكُوتُ صَوَابًا، قَلِيلَ الْخَوْضِ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، يَخَافُ مِنْ لِسَانِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَخَافُ مِنْ عَدُوهِ، يَحْبِسُ لِسَانَهُ كَحَبْسِهِ لِعَدُوِّهِ، لِيَأْمَنَ شَرَّهُ وَسُوء عَاقِبَتِهِ.
قَلِيلَ الضَّحِكِ فِيمَا يَضْحَكُ فيه النَّاسُ؛ لِسُوءِ عَاقِبَةِ الضَّحِكِ، إِنْ سُرَّ بِشَيءٍ مِمَّا يُوَافِقُ الْحَقَّ تَبَسَّمَ، يَكْرَهُ الْمُزَاحَ خَوْفًا مِنْ اللَّعِبِ، فَإِنْ مَزَحَ قَالَ حَقًّا، بَاسِطَ الْوَجْهِ، طَيِّب الْكَلامِ.
لا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا فِيهِ فَكَيْفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ؟ يَحْذَرُ مِنْ نَفْسه أَنْ تَغْلِبَهُ عَلَى مَا تَهْوَى مِمَّا يُسْخِطُ مَوْلاهُ. ولا يَغْتَابُ أَحَدًا، وَلا يَحْقِرُ أَحَدًا، ولا يَسُبُّ أَحَدًا, وَلا يَشْمَتُ بِمُصِيبَةٍ، وَلا يَبْغِي عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَحْسُدُهُ، وَلا يُسِيءُ الظَّنَّ بِأَحَدٍ إِلا بِمَنْ يَسْتَحِقُّ، يَحْسُدُ (١) بِعِلْمٍ، وَيَظُنُّ بِعِلْمٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا فِي الإِنْسَانِ مِنْ عَيْبٍ بِعِلْمٍ، وَيَسْكُتُ عَنْ حَقِيقِةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ.
قَدْ جَعَلَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَالْفِقَهَ دَلِيله إِلَى كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ
(١) أي: يَغْبِط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute