بابُ: ذِكْرِ أخلاقِ مَنْ يَقرَأُ عَلَى المُقرِئ
مَنْ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَتَلَقَّنُ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْسِنَ الأَدَبَ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَتَوَاضَعَ فِي جُلُوسِهِ، وَيَكُونَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ، فَإِنْ ضَجِرَ عَلَيْهِ احْتَمَلَهُ، وَإِنْ زَجَرَه احْتَمَلَهُ، وَرَفَقَ بِهِ، وَاعْتَقَدَ لَهُ الْهَيْبَةَ، وَالاسْتِحِياَءَ مِنْهُ.
وَأُحِبُّ أَنْ يَتَلَقَّنَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضْبِطَهُ - هُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ - إِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَحْتَمِلُ فِي التَّلْقِينِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ خَمْسٍ فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَلَقَّنَ إِلا ثَلاثَ آيَاتٍ، لَمْ يَسْأَلْ أَنْ يُلَقِّنَهُ خَمْسًا، فَإِنْ لَقَّنَهُ الأُسْتَاذُ ثَلاثًا لَمْ يَزِدْهُ عَلَيْهَا، وَعَلِمَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَحْتَمِل خَمْسًا سَأَلَهُ أَنْ يَزِيدَهُ عَلَى أَرْفَق مَا يَكُونُ، فَإِنْ أبَى لَمْ يُؤْذِهِ بِالطَّلَبِ، وَصَبَرَ عَلَى مُرَادِ الأُسْتَاذِ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْهُ دَاعِيَةً لِلزِّيَادَةِ له مِمَّنْ يُلَقِّنُهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُضْجِرَ مَنْ يُلَقِّنه فَيَزْهَدَ فِيهِ، وَإِذَا لَقَّنَهُ شَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَدَعَا لَهُ، وَعَظَّمَ قَدْرَهُ. وَلا يَجْفُو عَلَيْهِ إِنْ جَفَا عَلَيْهِ، وَيكرِمُ مَنْ يُلَقِّنهُ إذا كَانَ هُوَ لَمْ يُكْرِمْهُ، وَتَسْتَحِي مِنْهُ إِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute