للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بابُ: ذِكرِ أخلاقِ أَهْلِ القُرْآنِ

يَنْبَغِي لِمَنْ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ وَفَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يحمِّله كِتَابَهُ، وَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِ اللهِ وَخَاصَّتِهِ، وَمِمَّنْ وَعَدَهُ اللهُ مِنَ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ؛ ممَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ, وممن قال اللَّهُ عز وجل: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: ١٢١]- قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ -، وَممن قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ, وَالَّذِي يقرؤه وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ له أَجْرَانِ» (١) ...

فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعًا لِقَلْبِهِ، يَعْمُرُ بِهِ مَا خَرِبَ مِنْ قَلْبِهِ، وَيَتَأَدَّبَ بِآدَابِ الْقُرْآنِ, وَيَتَخَلَّقَ بِأَخْلاقٍ شَرِيفَةٍ، يَبِيْنُ بها عَنْ سَائِرِ النَّاسِ مِمَّنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ: تَقْوَى اللَّهِ عز وجل فِي السِّرِ وَالْعَلانِيَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ فِي مَطْعَمِهِ، وَمَشْرَبِهِ، وَمَلْبَسِهِ, وَمَكْسَبِه، وَيَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ، فَهُوَ يَحْذَرُهُمْ عَلَى دِيْنِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ, مَهْمُومًا بِإِصَلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ


(١) أخرجه البخاري (٤٩٣٧) , ومسلم (٧٩٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>