الحمد لله مفلج الحق وناصره، ومدحض الباطل وماحقه، الذي اختار الإسلام لنفسه دينا، فأمر به وأحاطه، وتوكل بحفظه وضمن إظهاره، ثم اصطفى من خلقه رسلا ابتعثهم بالدعاء إليه، وأمرهم بالقيام به والصبر على ما نابهم فيه من جهلة خلقه، وامتحنهم من المحن بصنوف، وابتلاهم من البلاء بضروب، تكريما لهم غير تذليل، وتشريفا غير تخسير، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، فكان أرفعهم عنده درجة أجدَّهم ثباتا مع شدة المحن، فصلى الله على نبينا محمد وعلى الأنبياء أجمعين وال بيته الطيبين وصحابته الطاهرين ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:
[(المستشرقون والسنة النبوية)]
كان للمستشرقين دورا في قذف الشبهات حول السنة النبوية المطهرة وذلك للتشكيك في صحتها، كونهم على علم بأنَّ السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، فإذا استطاعوا ذلك فان الطريق مأمونٌ للتشكيك بالقرآن الكريم الذي هو المصدر الأول من مصادر هذا التشريع.
تتصدَّرهم من الداخل طلائع التنويريين المتأثرين بالغرب، ومن الخارج جحافل المستشرقين، كل ذلك ما كان له ذِكْر في عالم الحقيقة لولا طرق الدعاية وسبل النشر التي حضيت بأعلى الاهتمامات الغربية والى يومنا هذا.
ولكن هل وُفِّقت هذه العصبة في تحقيق أهدافها؟
يكفي في الجواب على هذا السؤال أنَّ جامعة "لندن" وكذلك جامعة "كمبردج" لم توافقا على أن تناقَش أيَّ اطروحة لدراسة ونقد كتاب المؤلف "شاخت" المسمى "اصول الشريعة المحمدية"، ذلك الكتاب الذي يعتبر من ابرز ما كُتب في الطعن بالسنة النبوية والتشريع الإسلامي، بل ويعتبر أساسا لكل دراسة عن الإسلام وشريعته، على الأقل في العالم الغربي كما قال البروفسور " جب ".
وهذا ما وقع بالفعل، فقد طُرد احد الأساتذة في جامعة "أكسفورد" بعدما لخَّص آراء شاخت في الفقه الإسلامي ونقدها بأدلة دامغة وواضحة، فَلِمَ الطرد إذا ولجت شبهاتهم في أبواب الحقيقة؟ إنَّ هذا يدل دلالة قاطعة على أنها لا تعني إلا العجز عن المزاولة العلمية والمطاولة المعرفية لإظهار الحقيقة بصفائها العذب.
وتبقى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، سنة خاتم الانبياء تقتاء الطاعنين فيها كما يقتاء احدنا عن معدته ما فسد من الطعام فلم تستطع ان تهضمه.