للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسين الرازي، من بغداد، فلما دخلت الري سالت عن منزله، فكل من أساله عنه يقول: " ايش تعمل بذلك الزنديق؟؟ "، فضيقوا صدري، حتى عزمت على الانصراف. فبت تلك الليلة في مسجد، ثم قلت في نفسي: جئت هذا البلد، فلا اقل من زيارته. فلم أزل أسال عنه، حتى دفعت إلى مسجد، فوجدته جالسا في المحراب، وبين يديه مصحف يقرا فيه، وإذا هو شيخ بهي، حسن الوجه واللحية. فدنوت منه، وسلمت عليه، فرد على السلام، وقال: من انت؟ قلت من بغداد، قال: لاي شي جئت؟، قلت: زائرا لك، قال: أرايت لو إن أنسانا - في بعض البلدان التي جزت بها - قال لك: أقم عندي، وسأشتري لك دارا أو جارية، أكان ذلك يمنعك من زيارتي؟، قلت: ياسيدي، ما أمتحنني الله بشي من ذلك ". ولو كان، فلا ادري كيف كنت أكون؛ فقال: أتحسن تقول شيئا؟، قلت: نعم. وانشدت:

رايتك تبنى دائبا في قطيعتي ... ولو كنت ذا رحم لهدمت ما تبنى

كأني بكم، والليت افضل قولكم: ... الا ليتنا كنا إذ الليت لا تغنى

فأطبق المصحف، ولم يزل يبكي، حتى بل لحيته وثوبه، ورحمته من كثرة بكائه. ثم التفت إلى، وقال: يا بني، أتلوم أهل الري على قولهم: يوسف

<<  <   >  >>