وقال:" وبقيت إحدى عشرة سنة، أتردد من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة؛ لا أرى مكة وأرى رب مكة، فما صح لى منه نفس. فلما كان بعد ذلك تراءى لى بعض الجن وقال لى: " يا أبا سعيد! قد - والله - رحمتك، من كثرة تردادك!، وقد حضرني شعر، فاستمع:
أتيه، فلا أدرى من التيه من أنا ... سوى ما يقول الناس فى وفى جنسي
أتيه على جن البلاد وانسها ... فان لم أجد خلقاً أتيه على نفسي
قال أبو سعيد؛ فقلت له: " اسمع - يا من لا يحسن يقول - ان كنت تسمع:
أيا من يرى الأسباب أعلى وجوده ... ويفرح بالتيه الدنى وبالأنس
فلو كنت من أهل الوجود حقيقة ... لغبت عن الأكوان والعرش والكرسي
وكنت بلا حال مع الله واقفاً ... تصان عن التذاكر للجن والأنس