إننا نظن أن خصوم الرأي الصحيح -مذهب أهل السنة فيما يتعلق بالحديث- لا يمكن أن يأتوا بأدلة مقنعة فعلاً تثبت مرة واحدة عدم الثقة بالأحاديث المنسوبة إلى الرسول، ولكن ليس هذا موضوعنا، إنه على الرغم من جميع الجهود التي بذلت في سبيل تحدي الحديث على أنه نظام ما، فإن أولئك النقاد العصريين من الشرقيين والغربيين لم يستطيعوا أن يدعموا انتقادهم العاطفي الخالص بنتائج من البحث العلمي، وإنه من الصعب أن يفعل أحد ذلك؛ لأن الجامعين لكتب الحديث الأولى، وخصوصاً الإمامين البخاري ومسلماً، قد قاموا بكل ما في طاقة البشر عند عرض صحة كل حديث على قواعد التحديث عرضاً أشد كثيراً من ذلك الذي يلجأ إليه المؤرخون الأوروبيون عادة عند النظر في مصادر التاريخ القديم.
إننا نتخطى نطاق هذا البحث إذا نحن أسهبنا في الكلام على وجه التفصيل في الأسلوب الدقيق الذي كان المحدثون -علماء الحديث- الأولون يستعملونه للتثبت من صحة كل حديث، ويكفي -من أجل ما نحن هنا بصدده- أن نقول إنه نشأ من ذلك علم ثابت الأصول تام الفروع، غايته الوحيدة البحث في معاني أحاديث الرسول وشكلها وطريقة روايتها، ولقد استطاع هذا العلم في الناحية التاريخية أن يوجد سلسلة متماسكة لتراجم مفصلة لجميع الأشخاص الذين ذُكروا على أنهم رواة أو محدثون، إن تراجم هؤلاء الرجال والنساء قد خضعت لبحث دقيق من كل ناحية، ولم يُعد منهم في الثقات إلا أولئك الذين كانت حياتهم وطريقة روايتهم للحديث تتفق تماماً مع القواعد التي وضعها المحدثون، تلك القواعد التي تعتبر على أشد ما يمكن أن يكون من الدقة؛ فإذا اعترض أحد اليوم من أجل ذلك على صحة حديث بعينه، أو على الحديث جملة فإن عليه هو