للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما إصدار الأحكام بناءً على ما يراه العقل البشري فهو مرفوض، إلا إذا لم يصادم نصاً من القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، أو إجماع العلماء، وبشرط أن يكون خاضعاً لقواعد الشريعة، غير متعارض مع مقاصدها.

ومن الثابت أن القوانين التي يضعها البشر لا تخلو من التأثر بالأهواء المضلة عن سبيل الله، المتحيزة إلى جانب دون جانب، أما شرع الله فقد وضعه خالق الناس الذي هو أعلم بحالهم وما يصلحهم، وضعه من لا يتأثر بالأهواء.

[قال شيخ الإسلام ابن تيمية]

«إذا تعارض الشرع والعقل وجب تقديم الشرع؛ لأن العقل مصدق للشرع في كل ما أخبر به، والشرع لم يصدق العقل في كل ما أخبر به، ولا العلم بصدقه موقوف على كل ما يخبر به العقل» (١).

وقال: «إن تقديم المعقول على الأدلة الشرعية ممتنع متناقض، وأما تقديم الأدلة الشرعية فهو ممكن مؤتلف، فوجب الثاني دون الأول، وذلك لأن كون الشيء معلوماً بالعقل، أو غير معلوم بالعقل ليس هو صفة لازمة لشيء من الأشياء، بل هو من الأمور النسبية الإضافية، فإن زيداً قد يعلم بعقله ما لا يعلمه بكر بعقله، وقد يعلم الإنسان في حال بعقله ما يجهله في وقت آخر» (٢).

ولهذا أمر الله برد الناس عند التنازع إلى الكتاب والسنة في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩].


(١) درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٣٨.
(٢) المصدر السابق ص ١٤٤.

<<  <   >  >>