للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي القرآن أحكام مجملة كثيرة كأحكام الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه، فالصلاة لم يأت في القرآن بيان أنواعها، وأوقاتها، وعدد ركعاتها، لكن بينها النبي في السنة، فإذا كان بيانه لذلك المجمل غير محفوظ، ولا مضمون سلامته مما ليس منه، فقد بطل الانتفاع بنص القرآن، فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا منه، فإذن لم ندر صحيح مراد الله منها.

إن القول بعدم حجية السنة من أخطر القوارع لدك الدين من أساسه، وإلغاء ما بينه وبين غيره من مميزات وفروق، قصد طي آثار الحضارة الإسلامية، وإذابة المجتمع الإسلامي، والقضاء على هويته ومقوماته، وهذا منكر من القول، وكفر وتعطيل لأحكام الله وشريعته. وتصوير الإسلام بما يتفق وأغراضهم، ويخدم ميولهم ومصالحهم، لا بما أراده الله من إرساء قواعد العدل والأمن والسلم والمساواة وبناء الحياة الإنسانية على المنهج الرباني الذي دعت إليه الرسالة (١).

وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على العمل بالسنة، وكذلك أئمة الدين وعلماء الأمة (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: «هؤلاء يعتمدون السنة ولا يتعمدون مخالفة رسول الله في شيء من سنته دقيق ولا جليل، وإنهم متفقون اتفاقاً يقيناً على وجوب اتباعه، وعلى أن كل واحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله (٣).


(١) السنة في العصر الحديث، بحث للدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة، منشور في مجلة المجمع الفقهي الإسلامي، العدد التاسع، ص ٦٦.
(٢) الإحكام ٦/ ١٢١ لابن حزم.
(٣) رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ص ٤، وانظر السنة في العصر الحديث ص ٣٧.

<<  <   >  >>