للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[حرية الفكر]

إن النظر في القرآن الكريم يعطي يقيناً جازماً بأن الإسلام يبني الاعتقاد الصحيح على النظر في الكون، والتفكر والتأمل في أسراره؛ ليصل الإنسان بهذا التفكر إلى الإيمان بالله ، بل والإفادة من كنوز الأرض (١) قال تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [يونس: ١٠١] وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: ٥٠] وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: ١٣] وتختم آيات كثيرة بعد بيان الأحكام الإسلامية من عقيدة وغيرها بأنها لقوم يعقلون، يتفكرون، يتدبرون، لأولي الألباب ونحوها.

والإسلام لا يجعل التفكير من المباحات التي يباشرها من شاء ويتركها من شاء، بل يجعله واجباً على الإنسان؛ ولذا ندد الله بالتقليد في أصول العقائد والشرائع؛ لتكون العقيدة عن وعي وإدراك وإذعان (٢) فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٠].

وأما موضوع الحرية وحقوق الإنسان التي ينادي بها الكاتب وما ذكره من (أن كل ما في القرآن يدعو إلى حرية الفكر … الخ).

فنقول له إن الحرية الدينية التي كفلها الإسلام لأهل الأرض لم يعرف لها نظير في جميع القارات، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة، ومنح مخالفيه في الاعتقاد كل أسباب البقاء والازدهار مثل ما صنع الإسلام.


(١) حقوق الإنسان ٧٩ وما بعدها للشيخ محمد الغزالي، الفقه الإسلامي وأدلته ٧٢١، للدكتور وهبه الزحيلي.
(٢) حقوق الإنسان ص ٧٩، الفقه الإسلامي وأدلته ص ٧٢١.

<<  <   >  >>