للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وما دمنا نعتقد أن القرآن الكريم كلام الله تماماً في مبناه ومعناه، فالنتيجة المنطقية لذلك أنه لم يُقصد به قط أن يكون مستقلاً عن هداية الرسول الشخصية على ما هي مبسوطة في السنة.

وقد قال المستشرق سنوك هركرونيه: «إنه ليس من السداد في شيء إنكار حديث لا يمكن تبيين السبب الذي يقال إنه وضع لأجله ولا توجد علة تاريخية تقتضيه» (١).

وقد اعترف المستشرق البروفيسور نيكولون بقول ابن قتيبة: «إنه ليس لأمة سنة مثل سنتنا» (٢).

والأستاذ ونسنك، أستاذ كرسي اللغة العربية بجامعة لندن، والذي قام بنشر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث نقل له الدكتور علي عبد القادر بحثاً عن الدور الذي قام به أهل الحديث، ذكر فيه جهودهم في دراسة الحديث ونقده، ورد على من زعم من المستشرقين أن الحديث من وضع أهلي القرنين الأول والثاني وأثبت فساد هذا الزعم (٣).

ولتصوير الحقيقة على الوجه الصحيح لابد أن نذكر أن من وظيفة الرسول كما صرح بذلك القرآن - أن يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤] ولا شك في كونه قد قام بذلك على الوجه الأكمل، وواجب على المسلم أن يلتزم بما جاء عن رسول الله وإلا فما فائدة أوامره ونواهيه، وبالتالي ما فائدة رسالته.


(١) حاضر العالم الإسلامي ١/ ٤٥ تأليف لو ثروب ستودار الأمريكي، نقله إلى العربية عجاج نويهض، تعليق الأمير شكيب أرسلان.
(٢) تاريخ الحديث باللغة الأوردية ص ٧١ و ٧٢ لعبد الصمد صارم الأزهري.
(٣) نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ص ١٣١، للدكتور علي عبد القادر، وانظر: الإسلام والمستشرقون ص ١٧٥ لنخبة من العلماء.

<<  <   >  >>