الإسلام جاء إلى الناس عامة، والرسول ﷺ بعث إلى البشر كافة، وهو رحمة لهم، فهذه الدعوة عالمية لإنقاذ الإنسان، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، ولكن الذين لا يستجيبون لهذه الدعوة لا يكرهون عليها؛ لأن طريق الخير وطريق الغي سبيلان ممهدان قد وضحا أمام الإنسان، وأساس العبادة ما هو إلا الاختيار طوعاً لا كرهاً، ولو شاء الله لجمع الناس جميعاً على الهدى، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٥]، ومن حيث الطواعية والاختيار ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: ٢٥٦].
وقوله:(كل الشريعة التي هي من عمل الإنسان تركز على استخدام العنف) يجاب عليه بأن الشريعة في الإسلام ليست من عمل الإنسان؛ وإنما هي منزلة من الخالق جل وعلا في كتابه، أو على لسان رسوله ﷺ الذي بين الحق ﵎، وأن ما يصدر عنه ﷺ هو وحي من الله مع تزكيته عن الهوى، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣ - ٤].
وأما إذا كان يقصد بالشريعة الأحكام التي اجتهد علماء الشريعة الإسلامية في استنباطها، فيجاب عليه بأن الشريعة الإسلامية لم تترك باب الاجتهاد مفتوحاً لمن شاء، وإنما جعلت له شروطاً يجب توفرها فيمن يتصدى للاجتهاد، فإذا توفرت هذه الشروط واتبع المجتهد قواعد الاجتهاد فحينئذ يجب قبول الأحكام الشرعية التي صدرت منه؛ لأنها بتوفر الشروط المشار إليها تصبح من شرع الله؛ لأن هذا الاجتهاد مرده: إما إلى النصوص من جهة تفسيرها، وبيان المراد منها، أو من جهة ثبوتها بالسند، ويدخل فيها الإجماع؛ لأنه في الغالب كاشف عن نص أثبته، وكان مستنداً له، ويبحث فيه عن أنواعه، وحجية كل نوع، وعن طريق روايته.