للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يكون هناك قبول مطلق لعالمية حقوق الإنسان وقابليتها للتطبيق، وذلك بحكم الطبيعة الإنسانية التي من مظاهرها التنوع الثقافي بين شعوب العالم، وإن العديد من المفكرين والحكماء أخذوا يعارضون التوجه الغربي الهادف إلى فرض التفسير والتطبيق الغربيين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على العالم (١)، ويوجهون نقداً صريحاً للأسس التي تقوم عليها عولمة حقوق الإنسان، التي تعتمد ازدواجية المعايير وتفرضها على الأمم والشعوب سياسة متبعة تتسم بروح الهيمنة.

وفي التعاليم الإسلامية، فإن هذه الازدواجية غير مقبولة، بأي وجه من الوجوه؛ لأنها افتئات على الحقوق، ولأنها تتنافى مع مبدأ العدل الذي هو أساس التعامل الإنساني السليم، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات، أو على مستوى العلاقات الدولية.

ولذلك فإن عالمية حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي الخاضع للهيمنة التي تحدو القوى العظمى أمر لا ينسجم مع روح القانون الدولي من جهة، ولا يتفق وطبيعة التنوع الثقافي الذي هو من مصادر التشريع لدى العديد من الشعوب من جهة ثانية، فإن حقوق الإنسان في التعاليم الإسلامية -كما أسلفنا- هي حقوق لكل البشر، لا للغني دون الفقير، ولا للقوي دون الضعيف، وإنما هي حقوق جعلها الله مكفولة لكل إنسان، لا تتقيد إلا بالضوابط الشرعية المحكومة بالنصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

إن سبق الإسلام إلى كفالة حقوق الإنسان، ينبغي أن يكون حافزاً لنا على القيام بمراجعة شاملة ودقيقة لأحوالنا وأمورنا كلها، خاصة ما يتصل منها بتطبيق التعاليم الإسلامية في مجال حقوق الإنسان (٢).


(١) المصدر السابق، فصل (حقوق عالمية أم خصوصية ثقافية، هل يصلح الغرب حكماً؟).
(٢) المصدر السابق ص ١٢ - ١٤.

<<  <   >  >>