اختفى أولئك المفسدون، وزال ظل الخوف والرعب عن النفوس وصار المسافر يذهب على راحلته ثم سار في سيارته بما عليها من أموال، ولا يخشى إلا الله ﷾؛ فقد أثر في نفوس الناس قتل القاتل وقطع يد السارق ورجم الزاني؛ إذ أثبتت إقامة هذه الحدود أثرها في انحسار الجريمة، وصار من يفكر في جريمة من الجرائم يعود قبل تنفيذها ليتصور عقوبتها، فيزجره الخوف من العقاب عن الفساد؛ لأن من توقع حلول العقوبة امتنع عن ارتكاب الجريمة، كما أن من أمن العقوبة أساء الأدب.
إن هذه الممارسة الحية لآثار تطبيق أحكام الشريعة شاهد عيان على مدى تأثير الحكم بشريعة الإسلام في تأمين المجتمع.
إن المتتبع لحوادث الجرائم في بلادنا المملكة العربية السعودية (إذا أراد مقارنتها بما يحدث في إحدى الدول المتحضرة، ذات النفوذ والتقدم الباهر في ميادين الصناعة والقوة سوف يظهر له جلياً البون الشاسع والفرق البين، وإن جرائم المجرمين في تلك الدول لتتسم بطابع التنظيم والمغالبة بما لا يوجد له نظير في بلادنا؛ لأننا بحمد الله نعالج شؤون عباد الله بما شرعه الله.
لقد رأينا بأنفسنا وسمع عنا العالم أجمع كيف أثمرت تطبيقاتنا لشريعة ربنا في أحلك الأحوال وأحرج الظروف ثمرات باهرة وعلاجاً للأمراض حاسماً، واختفاءً لنوع الجريمة بعد إيقاع العقوبة مباشرة.
فمن جرب تجربتنا عرف معرفتنا، لقد كان الناس في الزمن القديم إذا أرادوا الحج، ودع الحاج منهم أهله وداع من لا يتوقع العودة؛ لما عرف من مخافة السبيل في هذه الجزيرة، ثم تحولت جزيرة العرب من ذلك الوضع المتناهي في السوء والخوف إلى وضع هو في قمة الأمن والسلامة، إنها بركة تطبيق الشريعة التي