قال ابن سمعون: فاستخذى واستسلم، ثم قال لي بعد ذلك: يا شيخ، اتركني وأهل البدع، ثم انقطع منام ابن سمعون.
* فرأيت أنا في المنام شرح الحال أنه قال له: دعني وأهل البدع، أن معناه أنه أراد أن أهل البدع يأتون ما يأتون من مساخط الله سبحانه في مقام لا يتوبون منه، ولا يعتذرون عنه، فأراد الفاسق من ابن سمعون أن لا ينبه على ما عليه أهل البدع من الضلالة، ظنا منه أن ابن سمعون قد بلغ بغضه لأهل البدع وشنآنه إياهم إلى الحد الذي لا يستنقذهم بعمله من يده، فيتركهم معه.
* وكان مقام ابن سمعون رحمه الله وإن كان له مبغضًا من حيث البدعة؛ فإنه لهم راحمًا من حيث المعرفة، فهو يحرص على هداهم فقد كان أحمد رضي الله عنه أعلا مقامًا (٢٢٥/ أ) من ابن سمعون حيث كان من دعائه: (اللهم ما كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق فرده إلى الحق حتى لا يضل من هذه الأمة أحد).
* فأما إبليس فإنما من جهله من حيث أنه لم يستيقظ المعنى الذي خلق له، فإنه لما كان من صفات الله سبحانه اللوازم أن يكون سبحانه وتعالى عفوا غفورًا صفوحًا، منتقمًا معاقبًا، لم يكن بد مع هذه الصفات من خلق يذنبون فيغفر ويسيئون فيعفو، ومن خلق يأتون الموبقات، ويصرون على المقمحات؛ فينتقم ويعاقب، وكان من رحمته لآدم وذريته أنه سبحانه وتعالى لما خلق إبليس مزينا للضلالة، وداعيًا إليها، كان متصرفًا للمذام، ومحققًا في مواقع العذر لبني آدم، وكان إبليس ومن تبعه من ذريته آدم من خلقه الله أحطبًا للنار؛ التي هي محل نقمة الله سبحانه فكان من حيث تنافي الأحوال واختلافها، كان الله سبحانه الحمد أولًا وآخرًا، وبدءًا وعودًا، وقولًا وعقدًا؛ ولأن في باطن