للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلته كأنه جالس بين يدي، يا عدو الله: ما وصفك إلا المعصية خاصة أو ليس من وصفك الطاعة أيضًا، وربك أليس من وصفه الانتقام أيضًا كما من وصفه الرحمة، فلم اخترت من وصفك وصفاك لربك أقبحها واخترت لنفسك من وصفي ربك أرفقهما فحينئذ قاتلك الله، لو أن الخلق يقتدون بك لما كان يكون (٢٢٤/ ب) لله سبحانه على وجه الأرض طائع، ولا من انتقامه خائف، فعرفت أن ابن سمعون إنما أنكر عليه في موضعه.

ثم ذكر ابن سمعون بقيه المنام فقال: إني قلت له: يا جاهل تدري أي عذاب أنت معذب؟ فقال لي: نعم، فقلت له: بأي عذاب أنت معذب؟ فقال: بعذاب المخالفة، قال: فقلت له أيضًا: وهذه أيضًا مما تدل على زيادة جهلك أما ما خالفه غيرك، أما خالفه آدم فتاب عليه واجتباه وهداه، قال: فقال لي فبأي عذاب أنا معذب؟ قال: فقلت له: أنت معذب بعذاب المقت. قال: فصرخ صرخة فاستحال قردًا قال: ثم قلت له: إنما سميت إبليس؛ لأن اشتقاق معناك كان مودعًا في نسمتك أو نحو هذا الكلام، قال: فقال لي: شيخ، فماذا يكون تدبيري؟ قال: فقلت له: يا هذا تنزلك مع أمره، وتسلمك إلى حكمه.

قال: ثم قلت له: يا جاهل، يا عديم العلم لأجهل منك من ظن أنك شممت ريح العلم، أليس بلغ من جهلك أنك لما قال لك ربك اسجد لآدم ابيت، ثم عللت إباءك أن قلت أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين، ويلك بلغ من أمرك أنك تسوي أنت لربك تدبيره وتتم له أموره.

قلت أنا عند هذا الكلام: يا جاهل، أنت بزعمك خير من آدم جنسًا في ضمن اعتراضك هذا، وممن هو خير تدبيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>