للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما تماسك الآدمي وتمالكه بأمر خالقه، ولذلك قال أهل الحق: إن الاستطاعة مع الفعل لا قبله ولا بعده، وإن العبد لا يقدر على شيء إلا بإقدار الله له فهو سبحانه يمده به حالًا فحالًا.

* ولا جرم أنه ثبت قدمه حين زلت قدم إبليس، ورسخ في العلم حين طاش إبليس جهله، فإن الله تعالى سمى الراسخين في العلم من بني آدم راسخين لثباتهم فيه، وكان طيش إبليس أنه رأى نفسه لجهله في مقام الاعتبار على الله سبحانه وتعالى لما صنعه في آدم حتى قال مخاطبًا لربه سبحانه: {أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين}.

وكما روي عن ابن سمعون رحمه الله أنه قال: رأيت إبليس لعنه الله في المنام على صورة كنا عنها. قال ابن سمعون: وكنت قد سمعت عن إبليس أنه قال: علام يلومني اللائمون، وإنما المعصية وصفي والرحمة وصفه فأتيت وصفي؛ وتعلقت بوصفه؟

قال ابن سمعون: فسألته في المنام عن هذا الكلمات التي بلغتني عنه في اليقظة. قلت له: أأنت قلت هذا الكلام؟ فقال: نعم. فقلت له: هذا من جهلك يا جاهل.

ثم تجاوز ابن سمعون إلى باقي الكلام في المنام، فقلت أنا: ما الذي أنكر ابن سمعون على إبليس من هذه الكلمات، وظاهرها فيه رسومة، فنظرت فإذا إنكار ابن سمعون في موضعه، وذلك أن قول إبليس المعصية وصفي والرحمة وصفه، فإنه جيء بهذا القول من حيث إنه ظن أنه فلج، بالحجة لأني قلت له

<<  <  ج: ص:  >  >>