للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يصفه لمن لا يذوقه.

وكذلك في الحامض والقوابض والمز والمالح والعفص لا يمكن صفاته في تفاوت طعومه إلا بالذوق، فكيف كان يمكن أن تدرك هذه الحكم من بدائع خلق الله سبحانه وتعالى لو لم يجعل الآدمي أجوف مضطرًا إلى تناول هذه الأشياء قال الله سبحانه وتعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر}.

* وهكذا لما جعله أجوف ليعرض في باطنه من الأمراض ما قد جعل الله عز وجل شفاءه في الأدوية التي خلقها وأودعها ذلك؛ فلو لم يكن هذا على ما فعله الله سبحانه لم يطلع على هذه أبدًا، حتى إن الإنسان ليتناول من بعض الأطعمة ما لا يصلح له، فخلق الله له طعامًا آخر إذا تناوله دفع ضرر ذلك الطعام الذي تناوله من قبل، فكيف كان يتطلع على هذه الحكم كلها لولا أن الله سبحانه وتعالى خلقه أجوف.

* وإنما أتي إبليس من نظره بعين العداوة، فعمي عما في الآدمي من حكم وأنه مخلوق على ترتيب مهيئ للعلوم والأعمال، وملك الحيوان كله بأمر خالقه عز وجل، وهو دليل على خالقه سبحانه بباطنه وظاهره وكونه لم ينظره دليلًا، ودليلًا لمن يلمسه، ودليلًا لمن يسمع منه، ودليلًا لمن يروي عنه لغيره، فهو مستدل على خالقه بجميع أحواله وحركاته وسكناته، فهو دال على خالقه بجميع أجزائه.

* وأتي إبليس أيضًا لعنه الله من حيث أنه رأى التمالك والاستمساك (٢٢٤/ أ) في الخلق من حيث الخلق، فلذلك دخل الجهل عليه ونسي خالقه،

<<  <  ج: ص:  >  >>