ولم يكن له ذلك وإن كان مجبوبًا، فاستدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هتكه حرمة بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنقضه العهد؛ لأنه كان في كفره على عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أن دخوله بيته بغير إذنه نقض عهده فأمر بضرب عنقه.
* وفيه من الفقه أن الله سبحانه كان حافظًا لأوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يقع شيء منها غلطَا بل هو محفوظ معصوم، فإذا أمر بشيء على قضية تستدعي ذلك الأمر بموجب الحق، وإن كان في باطن تلك القضية ما لو علم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغير ذلك الأمر، جعل الله عز وجل الأقدار حائلة دون إنفاذ ذلك المقدم حتى تكشف له - صلى الله عليه وسلم - عن عواقب الأمور، كما جرى من أن عليًّا عليه السلام لما أراد أن ينفذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل ذلك الإنسان وجده في ركي. والركي: هي البئر التي لم تطو فأمره بالخروج فرآه حينئذ مجبوبًا، ولو كان قد رآه وعليه ثيابه لم يبن لعلي عليه السلام أنه مجبوب إلا بعد قتله، فحفظ الله ذمة رسول - صلى الله عليه وسلم - من أن يجري فيها غلط يشبه الغدر، كما حفظها من أن يجري فيها حقيقة الغدر، ولما انكشف لعلي عليه السلام أنه مجبوب لم يتعرض له بالقتل، لأنه علم أن ذلك الإنسان لم يحمله على دخول بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا علمه بنفسه أنه لا يتهم لكونه مجبوبًا، فغلط على نفسه ولو فهم أنه لا يكفي براءة الإنسان عند نفسه حتى تكون براءته عند غيره ظاهرة معلومة لم يفعل ذلك، يدل عليه ما سبق من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها صفية.
-١٨١٣ -
الحديث السادس والأربعون:
[عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل