يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا. قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدًا لكن وسحقًا، فعنكن كنت أناضل)].
* في هذا الحديث من الفقه إظهار الله سبحانه لعباده عدله، ومن عدله أنه لم يجر على تثبيت الحقوق بين يديه أن تكون قضية من قضاياه يحكم فيها بالشهود العدول، ثم إن جاحد الجحد فلا يظهر الله على رؤوس الأشهاد كذب ذلك الجاحد وافتراه؛ فأنطق الله سبحانه جوارح الإنسان بما جحده مزكية للشهود.
ولو قد كان معه الشقي توفيق نطق بفيه، وهو يقدر أن ينطق معترفًا لله عز وجل، فكان لا يجمع بين فعل ما لا يجوز له فعله وبين أن يجاحد الله عز وجل ذلك، ومن أن يجهل أن الله قادر على أن يظهر كل خفي، فاجتمع لهذا الشفي معصية وكذب وجهل بربه.
والأركان: الأعضاء، وأناضل: بمعنى أدافع واعتذر.
* فأما قوله: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا وبالكرام الكاتبين شهودًا؛ فإن فيه أن الله سبحانه أنطق جوارحه لتزكية الشهود لا لارتياب بهم ولا لتتميم شهادتهم.