فأما النهي عن القدوم فلئلا يقول الذي يصيبه:(لو لم أقدم ما أصبت)، فيقف مع الأسباب وينسى المسبب.
وأما النهي عن الخروج ففيه ثلاثة أوجه:
- أحدها؛ لئلا يظن الخارج أنه يسلم بخروجه، وينسى القدر، فيساكن ذلك فيهلك، فإنه من سبق الكتاب أنه يموت في الوباء لم يمت إلا فيه، ومن سبق له أن لا يموت في الوباء لم يمت فيه.
* والثاني؛ لئلا يخرج الأصحاء فيهلك المرضى لعدم من يقوم بمصالحهم، فلا يبقى لهم ممرض، ولا من يواري ميتًا إن مات منهم.
* والثالث؛ أن من حصل له شيء من ذلك المرض لم يغنه الخروج فلا يكون له فائدة في خروجه على رأيهم.
-١٦١ -
الحديث الثاني:
[عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: إني لواقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، فتمنتني أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: أي عم؛ هل تعرف أبا جهل؟
قلت: نعم، فما حاجتك يا ابن أخي؟
قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده، حتى يموت الأعجل منا.