للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رعاية صاحب الإبل، من حيث إن الإبل لا تدري أين يذهب بها راعيها، فلو هبط بها عدوة جدبة لما أنكرت، كما لو هبط بها عدوة خصبة لما شكرت، فإذا ترك الراعي العدوة الخصبة عامدًا أو هبط العدوة الجدية مختارًا ثم قال: إنها لن تأكل إلا ما قدر لها، لقيل له: أما إنها لن تأكل إلا ما قدر لها فهذا قول صحيح، ولكن بئس الراعي تكون أنت إذن، ولذلك (فإن) اليتيم في حجر الوصي، إذا تركه عاريًا جائعًا، تؤذيه الشمس، وتطرق عليه الآفات حتى مات ثم قال: إنه لم يمت إلا بأجله قيل له: صدقت، إنه لم يمت إلا بأجله ولكن بئس الوصي أنت.

* وفيه من الفقه أن المؤمن إذا ثبت عنده الحق، وكان في ظاهر الأمر أن ذلك الحق ليس بعزيمة بل رخصة، عدل عن العزيمة إذا كان راعيًا لغيره أو كافلا لسواه.

* وفيه أن المؤمن ينبغي أن لا يحتفل بما يستحسنه الجهال، إذا كان ما استحسنوه مما لا يرضي الله به ورسوله والذين آمنوا.

* وفيه أن الرجل الصالح قد يلبس عليه الأمر أحيانًا بما يغلب من الأخذ بالعزائم، ويكون مخطئًا، ألا ترى أبا عبيدة كيف قال لعمر: (أفرارًا من قدر الله)؟ فقال له عمر: (لو غيرك قالها يا أبا عبيدة)؟ وفي تفسير هذا قولان: أحدهما، أن المعنى: لو قالها غيرك لعاقبته. والثاني، أن المعنى: هلا تركت هذه الكلمة لغيرك ولم ترتضها لنفسك، أتظن أني أفر من قدر الله، ثم أحتج عليه بما يليق بالحال؟ فقال: (أرأيت لو نزلت واديًا له عدوتان ..)؟، على أن أبا عبيدة لم يقل إلا قولا له مأخذ؛ لكن عمر قال له بفقهه:) نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله).

* وفي الحديث من الفقه أن الوباء إذا (٩٥/ ب) وقع بأرض فإن الشرع حظر أن يخرج منها فرارًا أو يقدم عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>