يا زبير ثم أرسل إلى جارك)؛ فغضب الأنصاري، ثم قال: يا رسول الله، إن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال:(أسق يا زبير ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر). فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ... الآية}.
وفي رواية البخاري:(فاستوعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير حقه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي، أراد فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوعى للزبير حقه في صريح الحكم)].
* في هذا الحديث من الفقه جواز أن يكون السقي للأول ثم للذي بعده، إلا أن هذا في النخل خاصة وما يجري مجراه. فأما الزرع وما لا يصبر على العطش أكثر من جمعة ونحو ذلك فإن الماء يتناصف فيه بالسوية. قال الله عز وجل:{ونبئهم أن الماء قسمة بينهم}.
* وفيه أيضًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفف عن الأنصاري بترك شيء من حق الزبير معه، فإن الزبير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكم في حقوقه، فلما جهل الأنصاري ذلك وظن الأمر بخلاف ما كان عليه استوعى حق الزبير؛ ليعلم الأنصاري سر الأمر ويتأدب عن أن يسيء ظنه برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ حق الزبير كله فلم يظلم الأنصاري حقه. والجدر: هو أصل الجدار. والشراج: طريق الماء إلى النخل.