للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت، كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها، ولقد لبثت، يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني. وما وجدت على كبدي سخفة جوع.

قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أصمختهم فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتين منهم تدعوان إسافًا ونائلة، قال: فأتتا علي في طوافهما فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى! قال: فما تناهتا عن قولهما، قال فأتتا علي (١٦٣/ ب). فقلت: هن مثل الخشبة، غير أني لا أكني. فانطلقتا تولولان وتقولان: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا! قال: فاستقبلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، وهما هابطان قال: (ما لكما؟) قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها. قال: (ما قال لكما؟) قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم. وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى، فلما قضى صلاته (قال (أبو ذر)) فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام قال: فقلت: السلام عليكم يا رسول الله، فقال: (وعليك السلام ورحمة الله). ثم قال: (من أنت؟ قال: قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته. فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده فقدعني صاحبه، وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه ثم قال: متى كنت ها هنا؟ قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ ثلاثين ما بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟، قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم. فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال: (إنها مباركة. إنها طعام طعم).

<<  <  ج: ص:  >  >>