* يقال: سيف مدجل إذا طلي بالذهب، وبعير مدجل إذا طلي بالقطران.
* والدجال هو الذي يغطي الحق بالباطل، فإذا تسلط ذلك الشخص واستولى كان معه من الدنيا وشهواتها ولذاتها، ما هو في المعنى كالنهر الجاري، ويكون عنده من العذاب والمساءات ما هو كالنار، فكل من شرب من ذلك النهر الذي في يده من شهوات الدنيا ولذاتها التي منبعها الحرام، والتلبيس والباطل، فالشارب يظن أنه قد شرب ماء من حيث الصورة وإنه نار من حيث المعنى، كما أن (١٩١/ ب) عنده من العذاب والمساءات للمؤمنين، من صبر عليها واحتمل أذاها فإنها وإن كانت نارًا من حيث الصورة فإنها هي الجنة من حيث المعنى.
* وأما قوله في الحديث الآخر: أتاه الملك ليقبض روحه فقال: (هل عملت خيرًا؟) يدل على أن العبد يصلح أن يحسن ظنه بالله عز وجل عند دنو أجله، وقد نبهه الملك على ذلك حتى ذكره ما كان يعمل من عمل صالح فلم يجد إلا أنه كان ينظر المؤمنين ويضع عن المعسر منهم فذكره به، فاطمأنت نفسه إليه فأدخله الله الجنة. والحكمة في حسن الظن عند دنو الأجل أن الله تعالى عند ظن عبده، فإذا قبض على ما ذكر من عمل صالح كان مؤنسًا له، فإذا لم يذكر عملًا صالحًا، ورد على الله مستوحشًا.
* وأما الحديث الآخر: فقد ورد في غير هذا الموضع، وفيه من النطق ما سيذكر في موضعه إن شاء الله تعالى، وليس في نطق هذا الحديث ما يخرجه عن الإيمان؛ لأنه خاف الله تعالى فابتدع ما أمر به مخلفيه أن يحرقوه ويذروه في الريح، عقوبة عاقب بها نفسه من مخافة الله عز وجل، فجمعه الله تعالى ثم سأله سبحانه وتعالى عن موجب فعله ذلك، وهو العالم به إرادة من الله تعالى أن يعلم بهذه الحال عباده، فأخبر أنه فعل ذلك من مخافة الله سبحانه، فغفر له، وأدخله الجنة يعني بقوله، فغفر الله له أي غفر له ذلك الابتداع من إحراق نفسه وتذريته في الريح، فإن هذا لا يجوز فعله، وإلا فهذا الرجل إنما فعل هذا لشدة خوفه ممن ثبت الإيمان به في قلبه تعالى جده.