* وقوله:(وهم من جلدتنا) أي من العرب، وهذا يدل على ما حدث في العرب المتكلمين بلسانه ثم أمره بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم لعلمه - صلى الله عليه وسلم - أن عهده قريب يجوز أن يدركه عمر حذيفة، وكأنه أشار بإمامهم إلى علي رضي الله عنه. وقوله:(فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق) يعني إن كان زمن فترة ووقت مهلة ريثما ينتصب الإمام كما جرى في ليالي الشورى.
* وقوله:(ولو أن تعض بأصل شجرة) يعني أن تصبر في ذلك على الجوع.
*وفيه أيضًا أن المؤمن إذا بلي بذلك في وقت أمير جائر من ضرب ظهره وأخذ ماله فإنه لا يخرج عليه ولا يحاربه بل يسمع ويطيع فإنه (١٩٣/ أ) بخروجه يزيد الفتن شرًا.
-٣٩٩ -
الحديث الأول من أفراد البخاري:
[عن حذيفة {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، قال: نزلت في النفقة)].
* فيه من الفقه أن الإنسان إذا أراد الجهاد في سبيل الله فينبغي أن يستعد لذلك بتجويد سلاحه واختيار دابته محتسبًا ما ينفقه في ذلك لله سبحانه، ولا يخدعه شيطانه مخرجًا له اللوم في الإمساك، ومنع النفقة في سبيل الله، مخرج التوكل، فيظهره لعدوه حاسرًا غير دارع ولا فارس فقال الله تعالى:{وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} يريد هذا المعنى، فإن اضطر شخص في وقت أن يلقى عدوه حاسرًا ولا يمكنه لضيق الاستسلاح، فإنه يلقاه معتمدًا على الله تعالى ولا حرج عليه.