للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم: (إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل، وتصدق)].

* في هذا الحديث من الفقه أنه لم يكن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متهافتين على الدنيا، ولا كانوا يريدون بأعمالهم فيها إلا وجه الله عز وجل ألا ترى إلى عمر رضي الله عنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادفعه إلى من هو أفقر مني؟

وأفقر في لغة العرب من باب أفعل، يعني أنه فقير؛ ولكن تقديم من هو أشد فقرا مني في ذلك علي أولى، وذلك يدل على أنه إنما رد عمر مع كونه فقيرا لا غنيا طلبا للإيثار بذلك لمن هو أشد منه حاجة.

* وفيه أيضا من الفقه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف) أي متطلع، (ولا سائل) أي طالب (فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك) يعني - صلى الله عليه وسلم - ما لا يكون بهذه الصفة وهو أن يأتي عن إشراف نفس منك فلا تتبعه نفسك.

* وفي هذا الحديث من الفقه أن ذلك من طريق الأفضل والأشرف لأنه لم يقل له: (وما لا فلا تأخذه) (٢٦/ أ)، وإنما قال: (فلا تتبعه نفسك) أي لا تجعل نفسك تتحسر على فوته، وعلى أنه ليس في هذا النطق ما يدل على تحريمه.

* وفي هذا الحديث من الفقه أيضا أنه قال له: (فتموله وتصدق به)، ولم يقل فتصدق به من غير ذكر تقديم قوله: (فتموله)، لأنه إذا تموله وصار له مالا وملكا دخل حينئذ في جملة من قال الله عز وجل فيهم: {ينفقون أموالهم} على ما يملكونه من حلالهم الطيب، إذ لو أنفق الإنسان من شيء في يده على سبيل الغصب لم يكن منفقا لماله بل منفقا مال غيره، ولو تصدق به من قبل أن يتموله

<<  <  ج: ص:  >  >>