العاص الى معاوية يعاتبه في التأنى فكتب اليه معاوية: أما بعد! فان التفهم في الخير زيادة ورشد، وإن المتثبت مصيب، وإن العجل مخطىء، وإن من لم ينفعه الرفق ضره الخرق، وإن من لم تعظه التجارب لم يدرك المعالى، ولن يبلغ الرجل اعلى المبالغ حتى يغلب حلمه جهله، والعاقل سليم من الزلل بالتثبت وترك العجلة، ولا يزال العجل يجتني ثمرة الندم.
اخبرنا ابو بكر قال اخبرنا ابو حاتم، عن العتبى قال: وفد زيد على معاوية فأتاه بهدايا وأموال عظام وسفط مملوء جواهرا لم ير مثله فسر معاوية بذلك سرورا شديدا، فلما رأى زياد ذلك صعد المنبر فقال: انا والله يا امير المؤمنين! أقمت لك صعر العراق وجبيت لك مالها، والفطت اليك بحرها، فقام يزيد بن معاوية فقال: إن تفعل ذلك يا زياد! فنحن نقلناك من ولاء ثقيف الى قريش ومن القلم إلى المنابر ومن زياد بن عبيد الى حرب بن امية، فقال معاوية: اجلس فداك أبى وأمى.
اخبرنا ابو بكر قال اخبرنا ابو حاتم، عن العتبى قال: رأى معاوية يزيد يضرب غلاما له فقال له: سوءة لك أتضرب من لا يستطيع ان يمتنع عليك، والله! لقد منعتنى القدرة من ذوى الاحن وإن احق من عفا لمن قدر.
اخبرنا محمد قال حدثنا العكلى عمن حدثه عن ابى الحسن بن عبد الرحمن الأنصارى قال: قدم على معاوية وفد من قريش فيهم عبد الله بن جعفر وعبد الله بن صفوان بن امية وابن الزبير فوصلهم وفضل عبد الله بن جعفر، فقال عبد الله بن صفوان: يا امير المؤمنين! انما صغرت امورنا عندك، وخفت حقوقنا عليك، اذ لم نقاتلك كما قاتلك غيرنا، ولو كنا فعلنا ذلك كنا كابن جعفر، فقال معاوية: إنى اعطيكم فتكونون بين رجلين، اما معدم فأعطيه لخزن او مضمر لها مع بخل به وان عبد الله بن جعفر اريحى يعطى اكثر مما يأخذ ثم لا يأتينى حتى يدان بأكثر مما أخذ فخرج ابن صفوان وهو يقول: إن معاوية ليحرمنا حتى نيأس ويعطينا حتى نطمع.