وقال هرمس: انه لصعب ان يوقف على حقيقة امر الخالق وغير ممكن ان يوصف، وذلك انه غير ممكن ان يوصف جسم مدرك بما ليس بمدرك ولا يدرك التام ما ليس بتام، ويصعب ان يقرن الأزلى بما ليس بأزلى فان الأزلى باق ابدا وغير الأزلى فان والفانى خيال وظل، فعلى قدر ما بين الضعيف والقوى وما بين الدون والأشرف فكذلك بين الفانى وبين الإله الذى لا يموت.
باب
من عيون الشعر المستحسن والأمثال المنظومة الحكمية
قال سليمان بن عبد الملك يوما والشعراء عنده: قد قلت نصفا فأجيزوه، قالوا: كيف هو؟ قال:
نروح اذا راحوا ونغدو اذا غدوا
فلم يصنعوا شيئا، فدخل (١) عليه جارية له فأخبرها، فقالت: كيف قلت؟ فأنشدها، فقالت:
وعما قليل لا نروح ولا نغدو
وأنشد:
ان الظلوم الحسود في كرب * يخاله من رآه مظلوما
ذا نفس دائم على نفس * يظهر منه ما كان مكتوما
أنشدنيه عبد الرحمن عن عمه الأصمعى:
وأجرأ من رأيت بظهر غيب * على ذكر العيوب ذوو العيوب
قال: وأنشدنى عبد الرحمن أيضا
فمن كان مغرورا بطول حياته * فانى زعيم ان سيصرعه الدهر