للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيها فتلهيه عن الاحتراث لآخرته فيهلك كما ان هذه الماشية يلهيها زهر النبات فتأكل حتى تهلك.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "الأنصار كرشى وعيبتى" يريد أنهم معتمدى الذى اقوى عليه وأقوى به، كما ان الكرش معتمد معدة الماشية الذي يصرف الغذاء في سائر اعضائها فتقوى بذلك وفيها تستقر الثميلة؛ وهي باقية العلف في الكرش يقول: فالأنصار الذين يمدوننى بأموالهم ونصرهم فهم كالكرش لى؛ وقوله عيبتى: يريد الذين اودعهم اسرارى وأرجع اليهم في مهمات امورى؛ كما ان الرجل انما يودع عيبته نفيس متاعه وكسوته وذخيرته.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "يا خيل الله اركبى" قاله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه - لا ادرى في ايها (١)، والخيل لا تركب وإنما تركب، وهذا على الإيجاز والاختصار وكان وجه الكلام أن يقول: يا فرسان خيل الله اركبى، فاختصر لأنه علم ما اراد، والخيول كلها لله فأضاف الخيول الى الله عز وجل تبجيلا وتعظيما كقولهم: بيت الله - والبيوت كلها لله، وشهر الله الأصم وناقة الله - ونحو ذلك.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "لا يجنى على المرء الا يده" اراد لا يؤخذ بجناية غيره ان قتل او جرح فبيده اصاب ذلك أي فبيده الجانية (٢) عليه ولا يؤخذ بجناية يده غيره.

قوله صلى الله عليه وآله وسلم "الشديد من غلب نفسه" يقول من ملك نفسه عند شهوته وعند غضبه فمنعها فهو الشديد، وهذا شبيه بحديثه


(١) قال السهيلي في الروض الأنف ٧: ٢٧٥: "قالها يوم حنين أيضا في حديث خرجه مسلم". وذكر كلامه في المقاصد الحسنة (ص٧٣٦)، ثم قال: "فيحرر". قلت: لم أقف عليه في مسلم، ولا تعرّض له أحد من شرّاح مسلم فيما أعلم. ش
(٢) رواية نسخة اكسفورد: اى فيده الجانية، وكذا في هامش الأخرى فقال في حاشية نسخة المتحف البريطانى: قال غير ابى بكر بن دريد لم يرد اليد بعينها انما المعنى ما اجترحت جميع جوارحه كقول الله عز وجل "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" - والله أعلم بكتابه.

<<  <   >  >>