وأما حد الغيبة فأحسن من حدَّها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، وهو من مفاريده من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«أتدرون ما الغيبة»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:«ذكرك أخاك بما يكره» قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال:«إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته».
ولا غيبة لمجهول؛ لأن «ذكرك» تفيد التعيين.
والكافر ليس أخا للمسلم، غير أنه ليس معنى هذا أن الإنسان يُغتاب ويُتكلم فيه، فيقيد بالحاجة والمصلحة؛ وإلا هو غير داخل في تعريف الغيبة.
ولا شك أن غيبة العالم الورع ليست مثل غيبة آحاد الناس.
وقوله:«بما يكره» فكل شيء يكرهه الآدمي لا يحل أن يتكلم فيه في حال غيبته.
قوله:(ومن ذكر في فاسق ما فيه ليحذر منه أو سأل عنه من يريد تزويجه أو شريكته أو معاملته لم يكن مغتاب له ولا عليه آثم الغيبة، وله ثواب النصيحة، لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قولوا في الفاسق ما فيه يحذره الناس»).
والغيبة كبيرة، غير أنها قد تباح، ومن أهل العلم من حدّ هذه الأسباب، ومنهم من وضع قيدًا لحِل الغيبة، فمن وضع قيدًا لحِل الغيبة، قال: تباح الغيبة لكل غرض صحيح شرعًا حيث يتعين طريقًا للوصول إليه بها (١).