وقالَ الفرَّاءُ: يرتفعُ بالمبتدأ وقد تَقَدَّمَ ذكره.
وحجَّةُ الأولين: أنَّ الابتداء يَقتضي اسمين وقد عَمِلَ في أحدِهما فيعملُ في الآخرِ، ك ((كان)) و [إنَّ] فإِن قيلَ الابتداءُ مَعنى ضَعيفٌ فلم يقوَ على العمل في شَيئين أَلا تَرى أنَّ ((لا)) تَعملُ في الاسمِ ولا تعملُ في الخبرِ وكذلك ((إنَّ)) في قولِ الفرَّاء، فكذلك ها هُنا.
والجوابُ أنَّ الابتداءَ عاملٌ يضعفُ عن العاملِ اللَّفظيّ، وهذا لا يَمنع من العملِ في اسمين، لأنَّ عِلَّة العملِ هو الاقتضاءُ، والاقتضاءُ في الابتداء كاقتضاءِ ((كانَ)) و ((إنَّ)) يَدُلُّ عليه أنَّ ((كانَ)) و ((إنَّ)) أَضعفُ من الفِعل المُتعدّي وقد عَملا في اسمين كما عَمِلَ ((ضَرَبَ)) في الفاعِلِ والمَفعول.
فإن قيل لو جرى المعنى مجرى اللَّفظِ لعملَ في الظُّروفِ والأحَوالِ كما يعملُ اللَّفظُ وأنت لو قلتَ:((زيدٌ قائمٌ خلفكَ)) لم يعمل الابتداء في الظَّرف، قيلَ عنه جوابان:
أحدُهما: أن العاملَ في الظَّرف هناك أَقوى من الابتداءِ، وهو اسمُ الفاعلِ أو الفعلِ، فلا حاجةَ إلى عمل الابتداء.
والثَّاني: أنَّ الابتداء لا يَقتضي الظَّرف والحالُ مخصوصةٌ، فإنَّ جميع الأفعالِ وما يشتَقُّ منها يَقتضي الظُّروف، فلا اختصاصّ بالابتداءِ، بخلافِ