فقالا: يا ابنَ عباس، ارجع إلى صاحبك فإنه يُريد ما نُريد، يعنيان الإمارة، فلما رجعتُ إليه وهو يُرشق بالنبل: فقال: جلعتنا عرضا للقوم، خل عنّا وعنهم، قال: لا والله حتى تاتُوني بقتيل فأتيناهُ بقتيل من أصحابه وهو يشحطُ دما فلمَّا رآه كبّر وقال: احملوا فحملنا فلم يلبث القومُ أن انهزموا.
وروى مسلم الأعور عن حبة بن جوين العُرني قال: "قام علي عليه
السلام يوم الجمل ومعه مصحف فقال: من يأخذُ هذا فيأتي به إلى هؤلاء
القوم فيدعوهم إلى ما فيه وهو مقتول، فلم يُجبهُ أحد، فقام رجل يقالُ له
مُسلم، عليه قباءٌ أبيضُ جديد، فقال: أنا، فنظر إليه ثم أعرض عنه ثم قال:
من يأخذُ المصحف فيدعوا القوم إلى ما فيه وهو مقتول، فلم يجبه أحد.
وقامَ مُسلم فقال: أنا، فأعطاهُ إيّاه ثمَّ دعاهم فضربهُ رجل بالسيف فقطع يده وأخذهُ بيده الأخرى فقَطعها، ثمَّ احتضنه حتى قُتل، وذكر بعضُ الرواة لهذه
القصة أن شاعر أهل العراق قال في ذلك:
لاهُمَّ إن مُسلِما أتاهُم ... يتلو كتاب الله لا يخشاهُم
فَزَمّلوهُ من دمٍ إذ جاهُم ... وأمُّهم قائمة تراهُم