(أ) المشكلات التي ترجع إلى طبيعة مواد علوم الحديث:
١ ـ جفاف مادة مصطلح الحديث:
يشبه جفاف هذه المادة جفاف مواد القانون، بل هي كما عرفها ابن جماعة قوانين يعرف بها أحوال السند والمتن.
وهذه القوانين مصوغة بتعاريف جامعة مانعة، يصعب حفظها بدون فهمها بدقة، ويحتاج فهمها إلى شرح طويل، وتفكيك لعناصرها، وضرب للأمثلة الموضحة.
ومما يزيد جفافها كثرة المصطلحات فيها، وتشابه بعضها في الاسم فقط، مع اختلافها في التعريف، كغريب الحديث والحديث الغريب، والمقطوع والمنقطع، والأسماء المفردة والوحدان، والمرسل والمرسل الخفي، والضعيف والمضعف، وغير ذلك.
ومن أسباب جفافها أنها مادة لا يطالعها الإنسان في حياته اليومية، ولا يواجهها في حياته العملية، اللهم إلا إذا كان شديد الانتباه ويمكنه أن يعقد مقارنة دقيقة بين بعض مصطلحاتها وبين ما يعرض له من الأشخاص ويريد الحكم عليه جرحاً أو تعديلاً أو جهالة أو غير ذلك.
٢ ـ سعة مادة المصطلح وكثرة الاختلافات فيها:
إن سعة أية مادة من المواد تمنع الطالب من الإحاطة بها حتى لو كانت سهلة، فكيف إذا كانت قوانين، وفيها اختلافات كثيرة! كاختلاف تعريف الشاذ بين الشافعي والحاكم والخليلي، واختلاف العلماء في معنى قول الترمذي: حديث حسن صحيح، واختلاف معنى المنكر بين المتقدمين والمتأخرين واختلاف الخطابي والترمذي في تعريف الحديث الحسن، وغير ذلك من الاختلافات.
إن سعة المادة وكثرة الاختلافات فيها قد يؤديان إلى إحباط الطالب واليأس من النجاح فيها وبالتالي الابتعاد عن التخصص فيها.
٣ ـ تشعب مادة أحاديث الأحكام:
عدا كثرة روايات الحديث الواحد واختلافها في كتب الأئمة، أو في كتاب الإمام الواحد أحياناً كمسلم والنسائي، فإن أحاديث الأحكام وشرحها يحتاج إلى ولوج في مواد أخرى كاللغة وأصول الفقه والفقه المقارن والتفسير وغيرها، مما يحتاج الطالب فيه إلى خلفية واسعة في العلوم الأخرى.