الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل كتابه نوراً وهدى للناس أجمعين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الشارح والمبين لما أُوحي إليه من كتاب رب العالمين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
مما هو معلوم لدى المسلمين أن السنة النبوية جاءت شارحة ومبينة ومفسرة ومؤكدة لما في القرآن الكريم، وأتت - أيضاً - بتشريعات لم يرد ذكرها فيه. وإذا كان كتاب ربنا - عز وجل - قد لقي من العناية به - حفظاً وتلاوة وجمعاً وتدويناً ثم تفسيراً وشرحاً - ما لم يعتن بكتاب آخر فإن الحديث النبوي الشريف لقي - أيضاً - عناية كبيرة من علماء الأمة حفظاً وتدويناً ودراسة لأسانيده ومتونه.
وكما تفاوتت مناهج المفسرين لكتاب الله تعالى تفاوتت مناهج شراح السنة على مر العصور، فهناك شروح مطولة، وشروح مختصرة، ومنها شروح خاصة بالمتون ومنها ما أضيف إلى ذلك دراسة الأسانيد، وهناك كتب لشرح غريبها، أو بيان مشكلها ومختلفها ومنسوخها وغير ذلك، ثم توجت شروحها بأعظم شرحين هما: فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني وعمدة القاري للحافظ بدر الدين العيني.
ثم توالت الشروح بعدهما حتى يومنا، وأصبح شرح الحديث الشريف علماً قائماً بذاته، يدرس في المعاهد والجامعات، وخصصت له ساعات تدريسية في المناهج الجامعية، واختيرت له كتب تتفاوت مناهجها من جامعة إلى أخرى، فبعض الجامعات مثلاً تدرس شرح أحاديث الأحكام، وبعضها شرح أحاديث الرقائق، وبعضها شرح أحاديثَ متنوعةِ الأبواب وغير ذلك. وأغلب هذه الشروح - حسب علمي - تقتصر على شرح المتون.