كما ينبغي للمختصين في هذه العلوم -دون سواهم- أن يحددوا فيما إذا كان الأنفع والأجدى أن تتم الدراسة وفق نظام سنوي، أو فصلي، أو نظام ساعات معتمدة، وإذا كان النظام الأخير قد أثبت نجاحه في بعض العلوم فلا يلزم منه صلاحية تطبيقه على سائر العلوم ونجاحه فيها.
ولن يتم إصلاحٌ في ظل النظام التعليمي الحالي، البعيد عن طبيعة علومنا، الذي يدرس فيه علم عظيم ساعات معدودة، لأنه لا يمكننا تأهيل إنسان عالم مستوعب لعلوم الحديث في ساعتين أو ثلاث، بل سيبقى هذا العلم غامضاً، وغير مفهوم له، وعلى من يروم التفوق الاعتماد على نفسه في دراسته على علماء متخصصين خارج أسوار الجامعة.
إن مطالبتنا بفهم الطالب واستيعابه هذا العلم في الوضع الحالي كمطالبتنا لإنسان درس علم النحو في بضع ساعات أن يكون نحوياً، مدركاً لموضوعات هذا العلم ومباحثه ودقائقه، مطبقاً له في نطقه وكتاباته!!
إن تحقيق هذا المطلب متعذر إن لم يكن مستحيلاً، ويكون مثلنا كمثل القائل:
تسألني أم الوليد جملاً ...... يمشي رويداً ويكون أولاً
هذه رؤيتي للحل الشامل، وهو إن كان بعيد المنال حالياًَ، إلا أنه يجب علينا ألا نغفله، وأن نسعى إليه ونطمح له، وننادي به، حتى يتم تحقيقه ولو بعد حين. وهي رؤية للعبد الضعيف فإن أصبت فمن الله تعالى، وله الحمد والشكر والمنة على ما وفق وألهم. وإن أخطأت فمني ومن الشيطان - أعاذنا الله منه - وحسبي أن موقفي لم يكن سلبياً إزاء هذه المشاكل، بل أدليت بدلوي، وبذلت جهدي - وهو جهد المقل - وفي ذلك أجر - إن شاء الله تعالى -.
ولن يكون العلاج والحلول عند شخص واحد مهما علا قدره، فلا بد من تضافر الجهود، ومناقشة الآراء ودراستها وتمحيصها؛ لنخرج بحلول ناجعة تنسب إلى مجموعة -لا إلى فرد واحد- من أهل الاختصاص والخبرة، فإن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب، ويد الله على الجماعة.