وإن من أهم ثمار هذه العملية العلمية إثر الجمع والدرس والفحص الناقد أن نصل إلى توحيد المصطلحات الحديثية ما أمكن لتعين الدارس المعاصر على سرعة الفهم وعدم التشتت وسط سيل من التعريفات والعبارات المختلفة والتي تنتهي بالطالب إلى السآمة والنفور، وتهدر الجهد والطاقة فيما لا جدوى ولا طائل من ورائه.
ثانيا: موضوع البحث:
وسوف أعالج في هذا البحث المتواضع غياب الاستقرار الاصطلاحي أحيانا لدى المتصدين للكتابة في علوم الحديث من خلال دراسة بعض أنواع علوم الحديث مثل الإرسال والإرسال الخفي وسأحاول تسليط الضوء على ما بينهما من التداخل والتشابك في تعريفات المحدثين حيث تلمس ضياع الفيصل الذي يضع الحدود والضوابط لكل مصطلح بما يميزه عن سواه من المصطلحات، ونقطع هذا السرد المتدفق من التعريفات المتضاربة التي تشتت ذهن الطالب، وتربكه وتساهم في تنفيره.
وقد اعتمدت في تسجيل الملاحظات ووضع الحلول على كتب المصطلح والأثر القديمة والمحدثة، وركزت في اختيار الأمثلة وسرد النماذج على كتاب» السنن الكبرى «للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت ٤٥٨ هـ) حيث إني قد خبرته فوجدته قد أكثر من استعمال الحديث المرسل فقد استوعب مراسيل أبي داود وضم إليه ضعفه من المراسيل الأخرى مع التنبيه عليها ونقدها، ثم إن الإمام البيهقي محدث جليل بارع في هذه الصناعة، كما أنه فقيه كبير الشأن جليل القدر لأجل ذلك كان الوصول إلى الحكم الشرعي من النصوص الحديثية هو شغله الشاغل وفق المنهج الحديثي وما يتطلبه من تفنن وبراعة وإتقان، فكان يوازن وينقد ثم يرجح ليبني حكمه الفقهي على أساس ذلك.