للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الفترة ظهرت المطالبة بالإسناد (١) ، وفي المطالبة به دليلٌ على نشوء علم الجرح والتعديل (٢) ، وفي أن الجهل بحال المحذوف من الإسناد علةٌ يُردّ به الخبر (٣) .

ولم يزل التدوين في هذا الجيل قليلاً، لإمكان حفظ الصدورِ القيامُ بواجب النقل الكامل.

المرحلة الثالثة: وهي عصر التابعين، والذي يبتدئ من نحو سنة (٨٠هـ) إلى نحو سنة (١٤٠هـ) ، بموت غالب التابعين.

وقد كان لبداية طول الإسناد في هذه المرحلة، ولتشعّب الأسانيد، واختلاف رواتها، مع زيادة انتشار السنة، وزيادةِ الغلو في البدع ونشوء بدع أخرى، مما أدّى إلى أن يروي من ليس بأهلٍ للاطمئنان إلى روايته أن كان الهاجسُ الأكبر لدى علماء التابعين حينها هو: خوفُ تفلُّتِ شيءٍ من السنّة، وتحديثُ من لا يؤمن على النقل، ووقوعُ الاختلال في ضبط المنقول.

فواجهوا كل خطرٍ من هذه الأخطار بما يدفعه:

- فخوف تفلُّتِ شيءٍ من السنة واجهوه بأمور، منها:

١ - استنفار الأمّة لجمع السنة، وذلك يظهر من كثرة عدد التابعين الذين نقلوا السنة؛ إذ إن كثرةَ الحَمَلَةِ يجعل فوات شيءٍ من السنة على جميعهم مستبعداً.


(١) مقدّمة صحيح مسلم (١/١٥) . ومن أغرب المواقف في ذلك استحلافُ أحد التابعين، وهو عَبيدة السلماني، لعلي رضي الله عنه، في روايته لحديث، هل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم!، انظر: صحيح مسلم (٢/٧٤٧) ، موازنة بمسند البزار (رقم ٥٨١) .
(٢) فقد نهى عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود عن الأخذ عن الأصاغر، ففسّر عبد الله بن المبارك ذلك بأنه الرواية عن أهل البدع، فانظر: الزهد لابن المبارك (رقم ٨١٥) ، والمدخل إلى السنن للبيهقي (رقم ٢٧٥) ، وشرح أصول أهل السنة للالكائي (رقم ١٠١، ١٠٢) .
(٣) كما دل عليه موقف ابن عباس من المراسيل، فانظر: مقدّمة صحيح مسلم (١/١٢ - ١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>