إلا أنّه يجب التنبيهُ إلى وجوب استكمال تدريس هذا العلم، فإنّ من الخطأ المنهجي الاقتصارَ في تدريس علوم الحديث على تدريس المصطلحات الأولى، دون الاهتمام بالمراحل الأخرى المهمّة التي تشكل صلبَ هذه العلوم وثمرتَها الحقيقية، وهي علم الجرح والتعديل والتخريج ودراسة الأسانيد.
٦ ـ إنّه من الضروري اللجوء ـ وخاصة في المراحل الأولى من هذا العلم ـ إلى الوسائل التي تضمن فهم الطالب واستيعابه.
إنّ من أنجع الوسائل في التعليم تصويرَ المعاني لترسخ في الذهن، ويتم ذلك بضرب الأمثال ومقارنةِ الشبيه بالشبيه والمَثل بالمَثل، ولتحديد الفكر في النظر في المتماثلات من المعاني والأشباه.
إنّه من الضروري تقديمُ هذه المادة بأسلوب شيّق، مطعّمٍ بالأمثلة من واقع الناس، أو ما له صلةٌ بحياتهم، ليعين ذلك الطلابَ على الحفظ والاستيعاب. وقد سجّل علماؤنا السابقون نماذجَ في ذلك، فكانوا يَنْظِمون هذه القواعدَ بأسلوب الغزل، أو يسوقون معانيَها بأسلوب لا يخلو من الدعابة والمرح والنكتة، من أجل أن تستقر هذه المعاني في النفوس بسهولة ويسر.
انظر مثلا كلام العلماء في تقريب هذا المعنى من مثل قول ابن معين:» الرجل الذي له في الحديث طريق واحد كالرجل له امرأة واحدة، إذا حاضت بقي «. أي: لم يجد غيرها.
وقول حماد بن سلمة:» مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف اللغة مثل الحمار يحمل مخلاة لا شعير فيها «.
وقول الأوزاعي وغيره:» مثل الذي يكتب ولا يقابل مثل الذي دخل الخلاء ولم يستنج «، وغير ذلك من الأمثلة التي يراد بها ومنها غرس هذا العلم في نفوس الطلاب بصورة متينة وقوية.