٨ ـ ولا أغادر هذا المكان دون أن أهمس في أذان إخواننا وزملائنا ألاّ يعطوا هذا العلم مجرّدا عن حيثياته ومنهجه المتكامل، فينشأ في نفوس أبنائنا سوء الأدب مع العلماء، وليس السبب كامنا في هذا العلم، وإنّما الخلل ناتج من الإهمال أو عدم التركيز من العلماء المتصدين لهذا العلم على جوانب التربية، بل إنّه أحيانا يصدر عن هذا العالم أو المحدث من العبارات والإشارات والكلمات ما يكون سببا في تشكيل هذه العقلية المنحرفة الخالية من الأدب مع سلف هذه الأمة من العلماء والمحدثين والفقهاء، بل والمشحونة بما يطعن في أخلاقهم أو دينهم أو إيمانهم.
ويجب في هذا المقام أن يحرص الأستاذ على تنبيه أبنائه إلى وجوب التفريق بين الشجاعة في مناقشة ما أورده السابقون من الآراء والأقوال وبين سوء الأدب معهم والوقيعة فيهم والطعن عليهم فإنّ هذه تجارةُ المفلسين.
وقبل هذا طبعاً وتأسيساً عليه لا بد من وجود القدوة الحسنة في القائمين على تدريس هذا العلم، فإنّه علم يُطلب به ما عند الله تعالى، فلا ينبغي أن يكون أهله إلاّ مثالاً للالتزام والاهتداء. وقد كان طلاب العلم سابقاً لا يأخذون من العالم حتى ينظروا إلى هديه وسمته ودينه. قال الحسن بن صالح بن حي:)) كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه حتى يقال: أتريدون أن تزوّجوه)) (١) .
وبعد:
فهذه مساهمة متواضعة في هذا الموضوع، أسعد بتقديمها والمشاركة بها في هذه الندوة المباركة، آملا أن تساهم ـ مع أخواتها ـ في إنشاء رأي عام يهتم بهذه العلوم ويعطيها حقّها الذي أوجبه الله لها، إذ جعلها سببا لحفظ كتابه وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.