للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا كانت الغاية الكبرى من علوم السنة هي الحفاظ عليها كاملة صافيةً من الشوائب، ولمّا كان التلقّي الشفهي عن محفوظات الصدور لم يكن ليكفي للاطمئنان إلى صحّة المنقول (١) ، لأسباب منها أن الحفظ خوّان وأن النسيان من جبلّة الإنسان كان لابُدّ من أن يرافق ذلك التلقّي الشفهي ميزانٌ نقدي، يتميّزُ به الصواب من الخطأ والصدق من الكذب، إذ الخطأ والكذب هما آفتا الأخبار، فلا يُردّ الخبر إلا لواحدٍ منهما؛ لأنه قد جمع بينهما أنهما السببان الوحيدان للإخبار بخلاف الواقع، وإن كان الخطأ إخباراً بخلاف الواقع بغير عمد، والكذب إخباراً به لكن بعمد (٢) .


(١) ألا ترى كيف بادر الصديقُ والفاروق رضي الله عنهما إلى كتابة المصحف من ذلك الوقت المبكر، خوفاً من ضياعه، مع أن كتاب الله العزيز الذي قد يسّره ربُّنا أجلّ وآثرُ وأعظمُ محفوظ في صدور الأمّة علماءَ وعامّةً!!!
(٢) ولذلك فإن شروط قبول الأخبار، المذكورة في تعريف الحديث الصحيح، كلّها إنما اشتُرطت لضمان سلامة الخبر من هاتين الآفتين: الكذب، والخطأ.
١ - فالعدالة: لضمان عدم الوقوع في الكذب المتعمّد.
٢ - والضبط: لضمان عدم الوقوع في الخطأ.
٣ - والاتصال: لضمان عدم وقوع الآفتين كلتيهما؛ لاحتمال أن يكون الساقط من السند ليس أهلاً لضمان وقوعه في إحدى الآفتين.
٤ - وعدم الشذود.
٥ - وعدم العلّة: لضمان عدم وقوع الخطأ ممّن الأصل فيه عدم وقوعه فيه، إذ إن الضابط غير معصوم من وقوعه في الخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>