بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[خاتمة]
وأخيراً.. فلقد يسر الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالإجابة على هذه الأسئلة العشرة، التى قدمت نماذج متنوعة لما يثار حول القرآن من شبهات..
وإذا كان لا بد من كلمات فى ختام هذه الإجابات.. فإن هذه الكلمات يمكن تلخيصها فى عدد من الملاحظات:
أولها:
إن هذه الشبهات قد أحدثها خصوم الإسلام فى العصور المتأخرة، وليس بينها شبهة واحدة ترجع إلى عصر البعثة والوحى والتنزيل.. فأغلب هذه الشبهات تحاول الزعم بوجود تناقضات واختلافات بين آيات القرآن الكريم.. وإذا كان القرآن قد تحدى خصوم الإسلام منذ لحظة نزوله، ليس فقط بالإتيان بشىء من مثله، وإنما بالعثور على أى تناقض فيه، وذلك عندما قال: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) [النساء ٨٢] .
ولما لم يؤثر عن أحد من خصوم الإسلام وأعداء القرآن ـ الذين تحداهم القرآن هذا التحدى ـ أنه قال بوجود أى تناقض فى هذه التناقضات المزعومة بين آيات الذكر الحكيم، فإن جميع هذه الشبهات ـ إذن ـ طارئة، أثارتها وتثيرها انتصارات الإسلام ورسوخ أقدامه فى الصراعات الفكرية الحديثة والمعاصرة ـ رغم الضعف والاستضعاف الذى يعيشه المسلمون.
وثانيهما:
إن الكثير من هذه الشبهات إنما يعتمد على القراءة المجتزأة لبعض آيات القرآن دون بقية الآيات التى تتناول ذات الموضوع.. وفى الرد عليها لا بد من سلوك المنهاج العلمى الصحيح فى فهم القرآن وتفسيره، منهاج رؤية الآيات التى تتناول الموضوع الواحد فى تكاملها؛ لأن القرآن يفسر بعضه بعضاً، وتفسير القرآن بالقرآن سبيل أصيل من سبل الرد على كثير من هذه الشبهات.
وثالثها:
إن تحديد المفاهيم الدقيقة للمصطلحات القرآنية هو طريق قويم وضرورى لإزالة الأوهام التى يتوسل بها الخصوم لإثارة كثير من الشبهات.. فهم يتعمدون التعمية والتجهيل بالمعانى الدقيقة والمفاهيم الأصيلة للمصطلحات القرآنية، لكى يوهموا من لا يعلم بأن هناك تناقضات بين هذه المصطلحات.. وإذا كانوا يحاربوننا بالجهل والتجهيل بمعانى المصطلحات القرآنية، فواجبنا أن نكشف زيفهم، ونرد على شبهاتهم باستخدام المعاجم اللغوية وكشافات مفاهيم المصطلحات القرآنية، لنرد بالعلم والتعليم على الجهل والتجهيل..
ورابعها:
إننا يجب أن نحذر من تحميل القرآن أوزار القصص الخرافى والمأثورات التى لا سند لها والمرويات التى لا عقل فيها.. فالقرآن حكم وحاكم، ولا يصح أن نحمله أوزار الأساطير والإسرائيليات.. وكثير من الشبهات مصدرها هذه الروايات والأقاصيص، وليس القرآن الكريم.. ولذلك فإن الرجوع إلى النص القرآنى، وإلى المصادر الإسلامية المعتمدة والمعتبرة، هو السبيل لكشف الكثير من هذه الشبهات..
وخامسها:
إن إخلاص النية لله، فى مثل هذه الأعمال، هو باب الفتوحات الإلهية التى تيسر للإنسان الفقه الذى يرد به على هذه الشبهات.. وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ يقول: " من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين " [رواه البخارى ومسلم وابن ماجه والدارمى والإمامان مالك وأحمد] .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السابق التالي