للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً، فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (١).

أيها السادة!

هذه آيات الله وأوامره، قد سمعتموها كثيراً، وقرأتموها كثيراً. ولست الآن بصدد تفسيرها أو شرحها، فهي آيات محكمة صريحة بينة، فيها عبرة لكم وعظة لو تأملتموها، وفكرتم في حالكم من طاعتها أو عصيانها، وفيما يجب عليكم حيالها، وأنتم تحكمون بقوانين لا تمت إلى الإسلام بصلة، بل هي تنافيه في كثير من أحكامها وتناقضه، بل لا أكون مغاليا إذا صرحت أنها إلى النصرانية الحاضرة أقرب منها إلى الإسلام، ذلك أنها ترجمت ونقلت كما هي عن قوانين وثنية، عُدّلت ثم وضعت لأمم تنتسب إلى المسيحية، فكانت، وإن لم توضع عندهم وضعاً دينياُ، أقرب إلى عقائدهم وعاداتهم وعرفهم، وأبعد عنا في كل هذا. وقد ضربت علينا هذه القوانين في عصر كان كله ظلمات، وكانت الأمة لا تملك لنفسها شيئاً، وكان علماؤها مستضعفين جامدين.

هذه القوانين كادت تصبغ النفوس كلها بصبغة غير إسلامية، وقد دخلت قواعدها على النفوس فأُشربتها، حتى كادت تفتنها عن دينها، وصارت القواعد الإسلامية في كثير من الأمور منكرة مستنكرة، وحتى


(١) سورة النساء الآيات (٥٩ - ٦٥).

<<  <   >  >>