فكرت كثيراً في أن أجد وجهاً معقولاً، أو سبباً مقنعاً يمنع من تعليم الدين في المدارس -من كل نوع- فما اهتديت لشيء.
الأمة بحمد الله مسلمة وحكومتها تعلن أنه دينها الرسمي هو دين الإسلام وبجانب هذا يخرجون ناشئتها تجهل دينها ثم لا يزال بها الجهل حتى تعاديه -وقديما قالوا:"من جهل شيئا عاداه" وصدقوا -لا تجد الآن في المدارس كلمة في تعليم الدين وتهذيب النفوس، حتى المدارس الإبتدائية، وطلبتها أطفال، ليس فيها من ذلك إلا قشور إن لم تضر لم تنفع ثم جعلوا درس الدين في آخر اليوم بعد أن يسأم الطفل ويمل، وجعلوه علما إضافيا -لا امتحان فيه- فأهمله المدرسون وكثير منهم يشغل هذا الوقت الضئيل بتقوية الطلاب في العلم الذي يمتحنون فيه ويسأل عنه إذا ساءت نتيجة الامتحان. هذه حقائق يعلمها كل من له أولاد في المدارس ويشعر بآثارها السيئة في نفوس الطلاب وأخلاقهم وآدابهم.
وبعد كل هذا يدخل الطالب المدارس الثانوية فينسى المسكين الكلمات القليلة التي حفظها في المدرسة الأولى ولم ترسخ في عقله ولم تتشربها نفسه، فما يكاد يشبّ حتى تتناوله أيدي الشياطين من إخوانه وغيرهم فإذا به مهيأ للإلحاد.
(١) الفتح العدد (رقم ١٩٣) الصادر يوم الخميس ٤ ذي القعدة سنة ١٣٤٨ - ٣ أبريل ١٩٣٠.