وبعد هذا كله، بعد أن تستقر القواعد التي تُستنبط الفروع والمسائل على أساسها، وتوضع الموازين الصحيحة البينة، حتى لا تتشعب الطرق بالمجتهد، تقسم أبواب الفقه بين اللجان الفرعية، لتطبق فروع المسائل وجزئياتها على القواعد التي أقرت، وتضع لها الأحكام الصحيحة التي تقتضيها الأدلة الصحيحة نصاً أو استنباطاً.
وهذا عمل كبير ضخم، لا يضطلع به إلا العلماء الأفذاذ المخلصون، من علماء الشرع وعلماء القانون، فيجب أن يسمو اختيارهم على الرغبات الشخصية والأهواء الحزبية، وما إلى ذلك مما قد يُفسد الاختيار أو يضعفه.
وسيدعوهم هذا العمل إلى أن يفرغوا له وحده، فلا يجوز أن يعهد إلى أي واحد منهم بعمل غيره، حتى يكون وقتهم كله وقفاً عليه، ليسير على وتيرة واحدة، سيراً حثيثاً موصلاً إلى الغرض المقصود منه في أقرب وقت وأوجزه، وسيدعو إلى اختيار عشرات كثير من الأعضاء والمساعدين، ولعله مع كل هذا لا يتم في أقل من عشرين سنة.
هذا تصوير تقريبي للخطة العملية، لاقتباس القوانين من الشريعة، فيه كثير من الإجمال، لا أستطيع التوسع في تفصيله، إلا أن يوضَع الدرس والبحث، ليكون حقيقة واقعة، لا خيالا وأمنية، أرجو أن ينال من عناية الباحثين، ومن نقد الناقدين، ما يرشدني ويرشد غيري إلى وجه الصواب، فيما اقترحت وفيما فاتني أو خفي عليه.