ثم لا يزداد إلا إصراراً وجهلاً بالدين وبأصول التشريع فيقول:"ارجع إلى عمل الصالحين السابقين يُفِدْك في العبادات والمعتقدات، لأنها لا تتغير بمر السنين، أما أحوال الاجتماع وسياسة الاجتماع وقوانين الاجتماع، فاتركنا أنت وغيرك نساير فيها أمم الأرض، ما دام قُوّامنا فيها، على كره منك، يحترمون الدين ولا يخلون بشيء من أمور الدين. أنا وأنت مقتنعان بأن عملك وعمل كثير من أضرابك دنيوي واه لا شأن له بالدين، لأني أفهم الدين، ولأنك أنت ترى بعيني رأسك أن جهات التشريع عندنا تشتغل في دائرة غير دائرة الدين" ص٤٦.
هذا بعض قوله بحروفه. وأستغفر الله من حكايته، ولولا الضرورة إلى نقله لنقضه والتحذير منه لما فعلت:
١ - وقد بدأ معالي الباشا استدلاله بكلمة منكرة "أن الدين لله، وأما سياسة الإنسان فللإنسان" وما هذه الكلمة إلا تحريف أو تحوير لكلمة ليست إسلامية، وليست عربية، كلمة فيها خنوع وخور واستسلام لاستبداد القياصرة، لا يرضاها مسلم، ولا يرضاها عربي.
نعم: إن الدين كله لله، وإن الأمر كله لله. ولكن هذا الرجل والذين يظاهرونه يريدون أن يفهموا الدين على غير ما يعرف المسلمون، وعلى غير ما أنزل الله في القرآن وعلى لسان الرسول. يريدون أن يَنفُثوا في روع الأغرار والجاهلين أن الدين هو العقائد والعبادات فقط، وأن ما سواهما من التشريع ليس من أمر الدين، عدواً منهم وبغياً، واستكباراً وعتواً، على