أرادت النكاح جاز لها إنكاح نفسها، أو إنكاح من توكله بإنكاحها -فلا عضل هنالك لها من أحد فينهى عاضلها عن عضلها".
وهذا الذي قاله الترمذي وابن جرير -بديهي واضح من معنى الآية وفقهها. لا يخالف في ذلك إلا جاهل، أو ذو هوى وعصبية جامحة.
ثم الذي يشك فيه أحد من أهل العلم بالحديث -أن حديث "لا نكاح إلا بولي": حديث صحيح، ثابت بأسانيد تكاد تبلغ مبلغ التواتر المعنوي الموجب للقطع بمعناه. وهو قول الكافة من أهل العلم، الذي يؤيده الفقه في القرآن، ولم يخالف في ذلك -فيما نعلم- إلا فقهاء الحنفية ومن تابعهم وقلدهم. وقد كان لمتقدميهم بعض العذر، لعله لم يصل إليهم إذ ذاك بإسناد صحيح. أما متأخروهم، فقد ركبوا رؤسهم وجرفتهم العصبية، فذهبوا يذهبون كل مذهب في تضعيف الروايات أو تأويلها. دون حاجة أو دون إنصاف.
وها نحن أولاء - في كثير من بلاد الإسلام، التي أخذت بمذهب الحنفية في هذه المسألة -نرى آثار تدمير ما أخذوا به للأخلاق والآداب والأعراض، مما جعل أكثر أنكحة النساء اللاتي ينكحن دون أوليائهن، أو على الرغم منهم- أنكحة باطلة شرعاً، تضيع معها الأنساب الصحيحة.
وأنا أهيب بعلماء الإسلام وزعمائه، في كل بلد وكل قطر، أن يعيدوا النظر في هذه المسألة الخطيرة. وأن يرجعوا إلى ما أمر الله به ورسوله، من شرط الولي المرشد في النكاح، حتى نتفادى كثيرا من الأخطار الخلقية