الآخر سنة ١٣٢٧هـ ٢٩ من أبريل سنة ١٩٠٩، التحق السيد أحمد، هو وأخوه السيد علي بالأزهر، فكانت إقامته في القاهرة بدء عهد جديد في حياته، فاتصل بعلمائها ورجالها، وعرف الطريق إلى دور كتبها في مساجدها وغير مساجدها. وتنقل بين دكاكين الكتبية. وكانت القاهرة يومئذ مستراداً لعلماء البلاد الإسلامية، وكان من التوفيق أن حضر إلى القاهرة من المغرب الأقصى السيد عبد الله بن إدريس السنوسي، عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه طائفة كبيرة من صحيح البخاري، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري، ورواية باقي الكتب الستة. ولقي بها أيضاً الشيخ محمد بن أمين الشنقيطي، فأخذ عنه كتاب بلوغ المرام، وأجازه به وبالكتب الستة، ولقي أيضاً الشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي، عالم القبائل الملثمة، فأجازه هو وأخاه بجميع علمه. وتلقى أيضاً من الشيخ شاكر العراقي. وكان أسلوبه في التحديث أن يسأله أحد طلابه عن مسألة، فيروي عندئذ كل ما ورد فيها من الأحاديث في جميع كتب السنة بإسنادها، مع بيان اختلاف روايتها. فأجازه وأجاز علياً بجميع كتب السنة. ولقي أيضاً في القاهرة من علماء السنة الشيخ "طاهر" الجزائري عالم سورية المتنقل، والسيد "محمد رشيد رضا" صاحب المنار، ولقي كثيراً غير هؤلاء من علماء السنة يطول ذكرهم بالتفصيل.
وهذا اللقاء المتتابع للعلماء، هو الذي مهّد لهذا العالم أن يستقلّ بمذهب في علم الحديث، حتى استطاع أخيراً أن يقف في منتصف هذا القرن علماً مشهوراً لا ينازعه في إمارة التحديث إلا قليل.
ولما حاز شهادة العالمية من الأزهر في سنة ١٩١٧، عُين مدرساً بمدرسة ماهر، ولكن لم يبق بها غير أربعة أشهر، ثم عين موظفاً قضائياً ثم قاضياً، وظل في القضاء حتى أحيل إلى المعاش في سنة ١٩٥١ عضواً بالمحكمة العليا، ولكنه لم ينقطع في