شرعية ومع هذا فإنهم قد نصبوا أنفسهم لإصلاح هذا الأزهر وهذه المحاكم كأنهم لم يجدوا منكراً إلا فيها وكأنهم ألصق الناس بها، ولو خلصت نياتهم وتأدبت أقلامهم لتقبلنا منهم ذلك، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيثما وجدها.
في مصر بجوار المسلمين نصارى ويهود من كل الطوائف والمذاهب، وفيهم رجال لأديانهم ومجالس مالية تحكم بينهم -وهم أمس الناس بها رحما- فما بالهم لا ينقدون واحدا من رجالها ولا يتعرضون لشيء من نظمها وتعاليمها وأحكامها- وفي كثير منها قول لقائل- أفكان هؤلاء منزهين عن الخطأ؟ وكانت نظمهم وتعاليمهم في الذروة العليا من الاتقان والعدالة، لا مغمز فيها لطاعن؟ أم هو الغرض والهوى والعصبية توقد نارها في القلوب جمعيات التبشير (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ).